عواقب الفتوى بغير علم ..
--------------------------------------------------------------------------------
قال الله تعالى في القرءان الكريم:
( يا أيُّها الَّذينَ امنوا اتَّقُوا اللهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إلا وَأنتمْ مُسْلِمُونَ )
ففي هذه الآية أمرنا ربنا عز وجل بأداء الفرائض واجتناب ما نهى عنه لنسلم يوم القيامة وننعم بالعيش الهنيء في جنة عرضها السماوات والأرض.
ومن جملة ما نهى الله تعالى عنه الإفتاء بغير علم فقد قال الله تعالى
( ولا تَقفُ مَا لَيسَ لَكَ بِهِ عِلمٌ إنَّ السَّمع والبَصَرَ والفُؤادَ كُلُّ أولئِكَ كَانَ عَنهُ مَسئولاَ )
فلا يجوز لنا أن نتجرأ على التكلم بأمور الدين فيما ليس لنا به علم فإن ذلك من أسباب الهلاك يوم القيامة ..
وقد تجرأ أناس في هذا الزمان على الإفتاء بما تهواه أنفسهم في مسائل الصلاة والصيام والزكاة والحج وفي أمور الطلاق وعدة المرأة المتوفى عنها زوجها من غير تثبت أو تحقق، بل يتبعون الرأي والهوى، والأخطر من ذلك أن منهم من يفتي بأمور العقيدة بغير علم فيَضِلُ ويُضِلُ الناس فيخرجون عن الإسلام بسبب فتواه الباطلة، ومن ذلك ما يزعمه بعض الكذابين أن من سب الله تعالى أو الأنبياء أو الملائكة لا يكون كافرًا إن كانت نيته حسنة..
ويوردون الحديث: ” إنما الأعمال بالنيات “ في غير محله، وبعضهم يورد قوله تعالى :
( لاَ يُؤاخِذكُمُ اللهُ باللغوِ في أَيمَانِكُم )
فيفسره على أن الله تعالى لا يؤاخذ الإنسان الذي يسب الله أو يتكلم بكلمة الكفر طالما نيته سليمة.
إخوة الإيمان فليعلم أن هذه الفتاوى الباطلة تهلك صاحبها وتودي به في النار وكذلك من اتبعه لأنه خالف القرءان، فقد ذكر الله تعالى في القرءان الكريم أن من استهزأ بالله أو الأنبياء أو القرءان فهو كافر خارج من الإسلام
فقال عز وجل :
( وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَءَايَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزءُونَ لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )
أما الحديث: ” إنما الأعمال بالنيات “ فمعناه أن العمل الصالح من صلاة وصيام وحج وزكاة وغير ذلك مما أذن الله به من العمل لا يكون معتبرًا إلا بالنية الصحيحة، وليس معناه قولوا ما شئتم أو افعلوا ما شئتم طالما نيتكم حسنة، لأن الله أمرنا بالنية الحسنة السليمة وأمرنا أيضًا بالعمل الصحيح الموافق لما جاء به الشرع ، كلا الأمرين يجب مراعاتهما .
والعجب من الذين يفتون بغير علم أنهم يزعمون أن هذا اجتهاد منهم، غائبًا عن بالهم أن الاجتهاد له شروط، وأنه ليس كل من حفظ حديثًا أو ءاية صار مجتهدًا، فمن لم يكن أهلاً للاجتهاد ليس له إلا أن يقلد واحدًا من المجتهدين كالشافعي ومالك وأحمد بن حنبل وأبي حنيفة رضوان الله عليهم أجمعين، فلا يجوز لغير الكفؤ أن يجتهد في مسائل الدين إذ قد يخالف بفتواه إجماع المسلمين وهو لا يدري فيهلك هو ومن تبعه على ذلك، فإن الله تبارك وتعالى نهانا في القرءان عن مخالفة ما أجمع عليه علماء المسلمين الثّقات بقوله تعالى :
( ومن يشاققِ الرَسول من بعد ما تبَيَّن له الهُدى ويتبع غيرَ سَبيلِ المؤمنينَ
نولِّه ما تولَّى ونُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )
وقد قال عليه الصلاة والسلام: ” رُبَُ مُبَلّغٍ لا فِقْهَ عِنْدَهُ “ معناه أن من الناس من لم يرزقهم الله تعالى المقدرة على الاجتهاد مع كونهم يحفظون، فليست العبرة بالحفظ .
وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو أفضل خلق الله لما سئل عن خير بقاع الأرض وشر بقاع الأرض قال: لا أدري أسأل أخي جبريل، فلما سأل جبريل قال جبريل: لا أدري أسأل ربَّ العزة .
ثم جاء الجواب لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن خير بقاع الأرض المساجد وشرَّ بقاع الأرض الأسواق.
أيها الأحبة الكرام ... الالتزام بشرع الله تبارك وتعالى هو طريق السلامة وإن الكلام إن لم يكن فيه خير فالسكوت فيه خير، وقد قال عليه الصلاة والسلام: ” من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت " ..
نسأل الله السلامة في الدنيا والآخرة ..