يحكى أنه بإحدى مدن عربستان كلما حدث حريق وأرسلوا سيارات الإطفاء التهمتها النيران بطاقمها, فاتخذ المسؤولين بتأييد من مواطنيها قراراً يمنع إرسال سيارات حتى وإن أحرقت المدينة بكاملها.
وأصحاب هذا الفرمان لم يشغلوا عقلهم بالقدر الكافي ويبحثوا عن السبب الجوهري وراء عدم نجاح طاقمهم الإطفائي وحسبوها غلط "نيران + إرسال الإطفائيين = حريق سيارة الإطفائيين والمساهمة في اشتعال النيران".
قرأت الخبر الذي جاء فيه "سجلت سيدة سعودية انتكاسة جديدة لمساعي السماح للمرأة بقيادة السيارة في المملكة إثر انطلاقها بالسيارة الهمر......" وما واكبه من ردود مختلفة والربط بين هذه الحادثة الفردية ومطالبة النساء بقيادة السيارة, فحوادث المرور تقع يوميا في جميع أنحاء العالم بسبب تجاوز السرعة المسموح بها وعدم الالتزام بتعليمات المرور وانعدام الإحساس بالمسؤولية, ولا دخل للذكورة والأنوثة من قريب أو بعيد في الزيادة أو التقليل من الحوادث.
ويبدو أن كل ما يتعلق بالمرأة ينعدم التفكير المنطقي فيه ويخلط الحابل بالنابل, فهذه الحادثة أظهرت أن الجميع مقتنع بمعادلة "سعودية + سيارة = حادثة", وعليه فإذا سمح للنساء بقيادة السيارة فإن نصف الشعب السعودي سيقضى عليه تحت عجلات سيارات نون النسوة.
الحادثة كانت مروعة والقانون يجب أن يأخذ مجراه بعد أن يتم التأكد من صدق الرواية التي تقول إن السرعة كانت 160 كيلو مترا فى الساعة, أو الأخرى أن المرأة لم تستطع أن تسيطر على مكابح سيارتها. الحوادث المرورية تحدث لمن يظن نفسه وحيدا على سطح القمر فيمارس هوايته بالقيادة بسرعة جنونية وتتحول سياراتهم إلى صواريخ أرض جو تحصد كل من يمر في طريقهم من عابري سبيل وتكون النتائج مأساوية.
وفي قضية السائقة الكل يدلي بدلوه، فخارج الحدود من يراها نتيجة للكبت والحرمان من متعة "التفحيط" في بلادها ويضيف إليها الاستهتار بالأرواح البشرية في البلد الذي سمح لها بالقيادة والبعض يتخذها فرصة للصيد في الماء العكر.
أما بالداخل فيظهرون شماتتهم ويقولون بداية الغيث قطرة وهذه البداية, ولو كان رجلا لما وقع مثل هذا الحادث، فالمرأة لا تملك القدرة على الإدراك والتمييز ليسمح لها بقيادة سيارة, ولو عادوا قليلاً للوراء لوجدوا أن المرأة ركبت الخيل والجمل كالرجل ولم يمنعها أحد في ذلك الزمان ويحرمها مما هو حق لها, والدنيا تغيرت واقتضى العصر أن تركب المرأة السيارة والطيارة وتقودهما.