الجرح مازال يؤلمه
لقد نصحه والده ألا يلعب في الشارع .. وأخبره أن هؤلاء الفتية
الذين يتخذون من الشارع مكانًا للعب
لا ينالون إلا توبيخ الناس وضجرهم .. الفتى لم يستوعب الأمر
وظن أن والده فقط يُريد أن يحبسه في المنزل
فلا يرى الشارع أبدًا إلا عِند الذهاب لمدرسته .. وفي حقيقة الأمر والده لم يكن كذلك وكان يُفكر في أن يُشركه في مركز شباب الحي كي يُمارس رياضة مُفيدة أفضل من الجلوس في الشارع وتضييع الوقت دون فائدة تُذكر .. ولكن نحن بني البشر نستعجل الأمور ولا نعمل حسابًا لما بطن .
بعد ذهاب والده إلى العمل .. فكر في النزول إلى الشارع كي يلعب مع رفاقه ويُضيع الوقت معهم .. بدأ صراخ الأطفال يعلو وصوتهم يملأ الأفق .. أصاب الضيق منهم السكان
سكب بعضهم المياه كي يتوقفوا عن اللعب .. نهرهم البعض .. ولوح إليهم البعض بالضرب .. ولكن لم تكن هُناك جدوى من كل هذه الأفعال فالأطفال لم يتوقفوا عن الضجيج .
وبعد لحظات معدودة من الهرج والمرج .. ساد هرج ومرج آخر .. إنها مُشاجرة بسبب الكرة .. والأطفال لا يعرفون النظام .. كان الفتى أحد أطراف الشجار .. والطرف الآخر طفل آخر ولكنه أكبر قليلاً .. وفي وسط الدربكة إذا بحجر طائش يُصيب رأس الفتى .. الدماء سالت بشدة .. الجميع علت وجوههم نظرات الخوف والرعب .. وأشجع الأطفال وصل بيتهم بعد الحدث بعدة ثوانٍ فقط .. وضع يديه على رأسه ثم صعد لأمه .. هرولت به إلى الصيدلي .. بعض الإسعافات الأولية .. توقف الدم .. وسيلتئم الجرح ولكن لا بد من أثر يظل .. كما أن هذه الأشياء لن تنتهي قبل عودة والده من العمل .. ظن أنه في ورطة.
رآه والده بعد عودته .. ابتسم .. وقال لعلك الآن تعلمت شيئًا .. فلم يكن في حاجة لسؤاله عن السبب .. منحه ( كارنيه ) العضوية بمركز شباب الحي .. فابتسم الفتى
وفي سره قال لنفسه ليتني سمعت كلام والدي .. ليتني انتظرت .. قالها وهو بين أحضان والده حيثُ الدفء .. ولكن الجرح ما زال يؤلمه .